جندي اسرائيلي يكشف التناقض بين ضميره وممارساته في خدمة الاحتلال

القدس المحتلة – سراج – أضواء من الصحافة الاسرائيلية
تنشر صحيفة “هآرتس” مقالة كتبها احد جنود الجيش الاسرائيلي توثق ليوم من خدمته العسكرية في الضفة الغربية، يعكس فيها جانبا من المعاناة التي يكبدها الجيش للفلسطينيين بشكل يومي.
ويقول: ” في الصباح اوقفنا ثلاثة أشخاص عند الحاجز بدون أي سبب. لقد أراد الشاباك التحدث اليهم، لكنه ماطل، فانتظر الثلاثة أكثر من ساعة دون عمل أي شيء. بدأت أشعر بالغضب وشعرت بالعجز مثلهم. لقد كتب غروسمان في “الزمن الأصفر” انه كان تحت الاحتلال، وكان أكثر ما يزعجه هو السيطرة على وقت الآخرين، فحين تخضع للاحتلال لا يكون الزمن ملكك وانما ملك الاحتلال”.
ويضيف الجندي انه كان يمكنه ترك هؤلاء الثلاثة هناك لساعتين اضافيتين (فالجندي يملك صلاحية احتجاز شخص عل الحاجز لمدة ثلاث ساعات)، ولكنه لم يستطع فعل ذلك، واجرى مع احدهم محادثة رائعة حول فلسطين والأمن والعمل والسياحة.. وقام بإطلاق سراحهم لعدم تحمله كل هذا الهراء، ويقول: “من يجلسون في المكاتب لن يفهموا الواقع في الشارع، فالتأخير لنصف ساعة في مكتب لا يشبه التأخير لنصف ساعة على الحاجز”. بعد ذلك، يقول الجندي انه سافر مع رفاقه الى نقطة أخرى، ووصلوا الى كرم بعيد، مزروعا باشجار الزيتون، على بعد نصف كيلومتر من مستوطنة. “فقد تلقينا بلاغا من المراقبة المدنية بمشاهدة اشخاص هناك. وجدنا المشبوهين وقمنا بفحص هوياتهم. وتلقيت اوامر عليا بأنه يمنع عليهم التواجد هناك. كانوا ستة فلسطينيين، من الفلاحين البسطاء، المسنين والواهنين”.
ويتذكر انه تحدث مع واحد مثلهم قبل اسبوع في ظروف مشابهة، ويقول: ” اقترب مني وبدأ يصرخ علي: قبل اسبوعين قلت لي ممنوع العمل هناك، واليوم تقول لي ممنوع العمل هنا، وكل هذه الأرض هي ملكي، املك طابو بها، فاين يسمح لي بالعمل؟ أين؟”. وواصل صديقه الأكبر منه: “لا يمكنني الذهاب من هنا، هذا عملي، بدون عمل لن أملك المال، ولن يدفع لي أحد”. لكنني كنت مضطرا الى طردهم من هناك، وكنت أعرف أنهم على حق، لكنني كنت مضطرا الى طردهم. فلماذا؟ لكي يكون مجال المستوطنة نظيفا، وكي يشعر الفلسطينيون بالعجز. فمن الأسهل بكثير مواصلة العيش بوعي زائف عندما يصبح جيرانك الذين تحتلهم بلا حول ولا قوة، بلا أمل. وانا هو الذي يحقق عدم العدالة، انا الذي اعيق الناس على الحواجز، وانا الذي أطردهم، وامنعهم من العمل، واسلب وقتهم..
لقد ثقفوني طوال حياتي على أن لا اكون أعمى امام الظلم والشر الذي يحدث تحت الاحتلال، وعلى اعتبار الاحتلال مرفوضا ومضراً. وطوال حياتي كنت اعظ ضد الواقع الذي أخدمه اليوم. اقنعت الكثير من الناس، جادلت، تعلمت، ولم أفكر أبدا بهذا التناقض الذي سأعايشه عندما سأخدم نفس الهدف الذي أحتقره. ظننت أنه يمكنني فصل الأيديولوجيا عن التزامي لبلدي ولنفسي. لكني كنت مخطئا. فانا ادعم وانفذ شيئا أومن بأنه مرفوضا.
ويخلص الى القول: “أعيش تناقضا سيئا، يمكن التخلص منه في رفض الأوامر أو الاستسلام. أنا لا أفعل شيئا هنا يصب في صالح أي هدف عام كبير وصحيح، وكل ما افعله في الانشغال في ممارسات صغيرة وطفولية للحفاظ على الاحتلال والظلم”.